Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
liendrapeaumarocain

avatar-blog-1307436360-tmpphpZLNPgY                    

      مسيرة النور     

    MINISTERE DE L'EDUCATION NATIONALE

وزارة التربية الوطنية

DELEGATION CASA-ANFA

نيابة الدار البيضاء أنفا

SERVICE DE LUTTE CONTRE L'ANALPHABETISASION

مصلحة محاربة الأمية

ET L'EDUCATION NON FORMELLE

     والتربية غير النظامية     

Image du Blog chezmanima.centerblog.net

Departement

  • : محاربة الأمية والتربية غير النظامية
  • : Blog bilingue(Arabe-Français)traitant divers sujets. articles éducatifs et instructifs qui sont en relation directe ou indirecte avec la lutte contre l'analphabétisation et l'éducation non formelle nationale ou internationale.
  • Contact

Profil

  • MILIANI RACHID
  • Résponsable du bureau du service de lutte contre l'analphabetisation et l'éducation non formelle à la délégation de l'enseignement CASA-ANFA
  • Résponsable du bureau du service de lutte contre l'analphabetisation et l'éducation non formelle à la délégation de l'enseignement CASA-ANFA

baretoil

baretoil

baretoil

44

baretoil

baretoil

baretoil

baretoil

baretoil

baretoil

Recherche

Archives

                                                                                                                                         

80 Morçeaux à découvrir

7 mai 2013 2 07 /05 /mai /2013 10:02

إن المجتمعات العربية لها تاريخها الحضارى العريق، فهى مهد الحضارة ومهبط الأديان. والأمة العربية، وهى تستعد لدخول القرن الحادى والعشرين، تواجه العديد من الظروف التى تحد من قدرتها على تنافس دول العالم فى المساهمة فى صناعة الحضارة الحديثة، ومن ضمن هذه الظروف الحالة التعليمية لأبناء هذه الأمة العربية والتى اثمرت فى تباعد مجتمعاتنا العربية عن اللحاق بالمتقدمين الذين أغدقت عليهم حضارة اليوم، والذين استفادوا من الموقع والفرص والامكانيات العلمية الهائلة التى أنتجتها حضارة القرن العشرين.

ولقد أصبح التعليم ضرورة من ضروريات الحياة، وأساساً هاماً من أسس تطوير المجتمعات وتحديثها. ولقد قام التعليم على مر العصور بدور هام فى إعداد الفرد الصالح للمجتمع، الذى يستطيع التكيف مع واقع وآمال مجتمعه، ذلك أن المعنى الأصيل لعملية "تعليم الفرد" يتمثل فى استخراج إمكانياته ضمن إطاره الاجتماعى وتكوين إتجاهاته وتوجيه نموه وتنمية وعيه بالأهداف التى تسعى إلى تحقيقها فى حياته، بالإضافة إلى إكسابه المعارف والمهارات فى مجال التمهين والعمل. وتتجه المجتمعات العربية لتعليم قواها البشرية إلى جانب رفع مستوى التعليم والثقافة لدى الناشئة أملاً فى التطوير والتحديث فى شتى مجالات الحياة.

ومن هذا المنطلق دعا الكثير من أهل المعرفة إلى رفع مستوى التعليم والثقافة عند جميع أفراد المجتمع، والتى حسب وجهة نظرهم الخاصة عن طريق التعليم الحر غير المرتبط بالحدود النظامية المقسمة على مراحل وتخصصات وشهادات .

ويحقق التعليم أهدافه فى إعداد الفرد وفقاً للمجتمع وخصائصه بواسطة مؤسسات مختلفة منها النظامية ومنها غير النظامية، فالتعليم الآن أوسع وأشمل مما تقدمه المدرسة، وهو ليس قاصراً على المدرسة وحدها، بل إن المجتمع كله بهيئاته ومؤسساته المختلفة يعتبر ميداناً واسعاً وفسيحاً لعملية التعليم، وأهمية ومكانة المدرسة لم تلغى أهمية باقى المؤسسات الاجتماعية الأخرى فى تشكيل شخصيات الأفراد، وتكونهم العلمى والثقافى، 

وهكذا أصبح للتعليم المستمر دور كبير فى إعداد الفرد وفقاً لخصائص المجتمع وسماته ومتغيرات التنمية به. وسوف يتعاظم دور التعليم المستمر فى عمليات التنمية كلما تقدم الزمن، ذلك أن إدراك الناس لمواطن القصور فى التعليم النظامى أخذ يتزايد بصورة أوضح. وسوف يقل شيئاً فشيئاً إدعاء المدرسة القائل أنها صاحبة الحق الوحيد فى القيام بعملية التعليم، بل يتحتم على كل قطاعات المجتمع ومختلف مؤسساته المشاركةفى نشر التعليم باعتبارها مؤسسات تربوية هامة .

ولقد أدركت المجتمعات العربية الحاجة إلى نشر التعليم بين كافة الأفراد، فأكدت معظم السياسات التعليمية العربية على أن التعليم حق لجميع المواطنين، وأدركت الدول العربية أيضاً الحاجة إلى محو أمية الكبار وصولاً إلى تحقيق التنمية المنشودة، ومن ثم فقد قامت معظم الدول العربية بحملات شاملة خارج المدرسة لمحو الأمية بين الكبار والأطفال الذين حرموا من التعليم. ومؤسسات التعليم غير النظامى بتشعبها وتعدد أهدافها وتمايز إتجاهاتها تشكل العنصر المكمل فى حلقة التربية المستديمة للكبار، رغم اختلافها الشاسع فى رصيد المعرفة الذى تتيحه، وفى الوسائل والأدوات التى تستعملها. ومن هنا يتجسد الدور الهام الذى لابد وأن تمارسه مؤسسات المجتمع ومنظماته فى تربية الكبار وتعليمهم.

وهؤلاء المتخرجون من برامج محو الأمية وكذلك الذين أنهوا المرحلة الأولى من التعليم الأساسى معرضون للإرتداد إلى الأمية مالم تتوافر لهم وسائل وأساليب التعلم الذاتى التى تعينهم على الاحتفاظ بالمهارات التى اكتسبوها وتفتح أمامهم فرص استمرارية التعليم والتثقيف .

ويراود هذه الدراسة الأمل فى المساهمة فى تطوير استراتيجيات التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى مجتمعاتنا العربية بما يضمن منع إرتداد المتعلمين الجدد إلى الأمية وكذلك لضمان مشاركة من تعلموا فى برامج محو الأمية فى أهداف التنمية المرتبطة بتطوير “كيف الحياة لهم”.

 أهم ملامح المشكلة والتساؤلات المثارة:

أشارت نتائج دراسات عديدة فى مجال تعليم الكبار إلى أن بلدان المجتمع العربى تهتم اهتماماً متزايداً على كافة المستويات الشعبية والحكومية بالتربية والتعليم لجميع أفراد المجتمع. ولقد أدركت هذه الدول العربية الحاجة إلى محو الأمية وصولاً إلى تحقيق مرامى التنمية البشرية، ومن ثم قامت معظم الدول العربية بحملات شاملة لمقاومة الأمية والمحافظة على مهارات القراءة والكتابة والحساب بين الكبار والأطفال خارج المدرسة ،

وقد ساهمت منظمات عربية عديدة فى مجال محو الأمية لدى أفراد المجتمع العربى مثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والمركز الاقليمى لتعليم الكبار، والجهاز العربى لمحو الأمية وتعليم الكبار، وشبكة التجديد التربوى فى الدول العربية، ومكتب اليونسكو الإقليمى للتربية فى الدول العربية.

هذا وقد حققت النظم التربوية العربية بعض الإنجازات فى مجال مكافحة الأمية، حيث كانت الأمية تمثل 73.5% عام 1970 ثم انخفضت حتى وصلت إلى نسبة 54% عام 1985، ثم انخفضت نسبة الأمية لدى الكبار إلى 51% عام 1990 من إجمالى تعداد السكان فى الوطن العربية البالغ عددهم 245 مليون نسمة- وبنسبة 4.31% من إجمالى سكان العالم فى هذا الوقت . بيد أن الأرقام المطلقة للأميين تتزايد باستمرار فى الوطن العربى (15 سنة فأكثر) .

وتشير الإحصاءات فى مجال محو الأمية إلى أنه حدثت نسبة تحسن بلغت حوالى 22% خلال الفترة من 1970 إلى 1990 فى هذا المجال .

وتظهر إحصاءات الأطفال والشباب خارج المدرسة فى الوطن العربى إلى أن الأعداد من الفئة العمرية (12-17) لها أهميتها من حيث أن الذين لايلتحقون بالحلقة الثانية من التعليم الأساسى قد يتعرضون للإرتداد إلى الأمية، أو أن مستواهم التعليمى لن يمكنهم من التوظيف الفعال لمهارات القراءة والكتابة والحساب .

وهكذا سيظل الكبار والصغار المتخرجون من برامج محو الأمية وكذلك الأطفال المتسربون من مرحلة التعليم الأساسى معرضون للإرتداد إلى الأمية، إلى جانب أن الوقوف عند محو الأمية للأفراد غير المتعلمين ليس كافياً فى التنمية البشرية، ولذا فإن تعليم الكبار فى مرحلة ما بعد محو الأمية لابد وأن يعمل على منع الإرتداد إلى الأمية. ومن هنا لابد من وجود استراتيجيات لتعلم ذاتى فعال يعمل على منع خطر ذلك الإرتداد، ويتيح لأفراد المجتمع العربى المشاركة الفعالة فى جهود التنمية الشاملة فى البلاد العربية،  وفى مناقشة القضايا الثقافية التى تهم الكبار الذين محيت أميتهم . فالتعلم الذاتى فيما بعد محو الأمية يجب أن يهدف إلى الاحتفاظ بمهارات القراءة والكتابة والحساب، إلى جانب ما يهدف إليه التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية من تطوير شخصية الفرد، وتنمية أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية، حيث يتيح له التقدم فى مراحل التعليم التالية، أيضاً يهدف التعلم الذاتى إلى اكتساب المعرفة الإجرائية للعمل، ومعرفة المهارات الاجتماعية، والتركيز على المعرفة المرتبطة بمساعدة الشخص على تحقيق ذاته، وإشباع رغبات كل فرد، وتنمية القيم الديمقراطية فى المجتمع، إلى جانب إتاحة الفرص لجميع المواطنين لينموا معرفتهم العامة وقدراتهم وزيادة الثقة فى أنفسهم.

كما أن ن إتاحة الفرص لمزيد من التعلم الذاتى للفرد يؤدى إلى إيجاد البيئة المتعلمة المثلى فى المجتمع، بحيث يصبح التعليم فيها عنصراً أساسياً .

فاحتياجات المتعلم ينبغى أن توضع فى الاعتبار فى مرحلة ما بعد محو الأمية ضمن إطار التربية المستديمة وذلك حتى نضمن دافعية مناسبة من الأفراد لمواصلة التعلم.

إن المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية هامة من حيث أنها تمنع المتحرر حديثاً من الأمية من الإرتداد إليها ثانية وتتيح له الاحتفاظ بمهارات القراءة والكتابة، كما تتيح له فرص الاستمرار فى التدريب بما فى ذلك التدريب على مهارات العمل، إلى جانب تطبيق ما تعلمه فى تنمية نفسه ومجتمعه فى آن واحد، وحين نمعن النظر فى الاحصاءات التربوية لمعظم مجتمعاتنا العربية ندرك على الفور النسب العالية من الأمية الأبجدية والثقافية والتكنولوجية فى هذه المجتمعات.

وعلى حين حققت المجتمعات العربية إنجازات فى محو الأمية، تبقى معدلات الأمية فى الوطن العربى أعلى من متوسط الأمية فى العالم، وحتى من متوسط الأمية فى البلدان النامية. بل إن عدد الأميين يتزايد فى المجتمعات العربية، وقد أشارت التوقعات إلى أن البلدان العربية تدخل القرن الواحد والعشرين مثقلة بحوالى سبعين مليوناً أمياً . ومن ثم فإنه من الأهمية بمكان توفير مقومات عدم الإرتداد إلى الأمية، فالإرتداد إلى الأمية سهل دون دعم متواصل، بل وتطوير مستمر للمهارات المكتسبة بالتحرر من الأمية. كذلك يمثل الإرتداد إلى الأمية إضاعة للفائدة المتوقعة فى مجال ترقية العنصر البشرى، وإهداراً لموارد المجتمعات العربية التى بذلت فى مكافحة الأمية. وأنجح الوسائل لمنع الإرتداد إلى الأمية هو توفير فرص التعلم الذاتى على مصراعيه من خلال استراتيجية راقية فى هذا المجال .

ومما سبق تتحدد مشكلة الدراسة فى ضرورة تطوير استراتيجيات التعلم الذاتى ما بين المجموعات المستهدفة من خريجى برامج محو الأمية غير القادرين على مواصلة تعلمهم فى المدارس النظامية، والمتسربين من المدارس فى الصفوف الأولى من التعليم الأساسى، وكذلك الأفراد الذين هم فى حاجة إلى التزود بقدر مناسب من مهارات التعليم الأساسى من خلال الأنشطة التربوية الذاتية.

فهؤلاء الأفراد قد محيت أميتهم ويجب الإهتمام بمواصلة تعلمهم بهدف منع إرتدادهم إلى الأمية والاستفادة من استراتيجيات التعلم الذاتى فى تحسين "كيف الحياة" لهم. ويتحقق ذلك بالسعى نحو تطوير استراتيجيات التعلم الذاتى كى تناسب هؤلاء الذين محيت أميتهم حديثاً حتى نتجنب نكستهم وعودتهم إلى ما كانوا عليه ونضمن استمرارهم فى التعلم من أجل المحافظة على مهارات القراءة والكتابة التى تم تعلمها أثناء الدراسة فى برامج محو الأمية، من أجل الوصول إلى قدر مناسب من التعليم الأساسى والتطبيق العملى لما يتم تعلمه فى تنمية الفرد .

ومن ثم فإن برامج التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية لابد وأن تستفيد من استراتيجيات التعلم الذاتى فى الدول المتقدمة من أجل إيجاد الدافعية لدى المتعلمين لمواصلة التعلم فى مرحلة ما بعد محو الأمية وفى مرحلة التعليم الأساسى، وتكوين الوعى لديهم بأهمية تطبيق ما تعلموه من مهارات بما فيها تحقيق مبادئ التعلم الذاتى .

وهكذا يتضح أن مشكلة الدراسة الحالية تتمحور حول التساؤل الرئيسى التالى:

"ما استراتيجيات التعلم الذاتى التى تمنع الأفراد المتعلمين حديثاً من الإرتداد إلى الأمية، وتمكنهم فى الوقت نفسه من تحقيق أهداف تنموية أوسع ترتبط بتطوير "كيف الحياة" لدى الفرد ومجتمعه؟". وما التصور المستقبلى لوسائل وأساليب التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية؟

ويتفرع من هذا التساؤل الرئيسى التساؤلات الفرعية التالية:

أ -   ما مفهوم التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية؟

ب-  ما أهداف التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية؟

جـ-  ما وسائل التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية؟

د -  ما واقع استراتيجية التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية؟

هـ-  ما التصور المستقبلى لتطوير مفهوم وأهداف ووسائل التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية؟

1-3 مصطلحات الدراسة:

            التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية:

يعتبر التعلم الذاتى أحد أساليب التربية المستديمة، ويقصد به أن يكتسب الفرد بنفسه المعارف والمهارات من وسائلها المختلفة والتى تعين على أن يكون قادراً طوال حياته على البحث عن معارف ومهارات جديدة: تحصيلها ومتابعتها وتقويمها ذاتياً، بدون مرشد أو دليل.

ونعنى بالتعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية ذلك النمط من المعارف والمهارات التى يكتسبها من يحتاج إليها ممن تعلموا فى برامج محو الأمية وتحرروا حديثاً منها، إلى جانب من تسربوا من المدارس فى الصفوف الأولى من التعليم النظامى، ولم يحصلوا على قدر كاف من التعليم الأساسى.

             استراتيجيات التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية:

ونعنى باستراتيجيات التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية مفهوم وأهداف ووسائل وأساليب ذلك النمط من التربية المستديمة التى تساعد هؤلاء الأفراد الذين محيت أميتهم على تطوير حياتهم، وإثراء شخصياتهم اجتماعياً وصحياً واقتصادياً إلى اقصى حد ممكن ، بما يفتح أفاق التعلم الذاتى وإتاحة فرصه ووسائله أمامهم لمواصلة التعليم مدى الحياة فى إطار فلسفة التربية المستديمة.

 أهمية الدراسة:

ان التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية يهدف إلى غرس أسس التربية المستمرة فيما بين أفراد المجتمع المتعلمين حديثاً، ومن ثم فاستراتيجيات التعلم الذاتى ذات علاقة مباشرة بتعليم هؤلاء الأفراد بصفة مستمرة أملاً فى المحافظة على مهارات القراءة والكتابة التى تم تعلمها أثناء مباشرة برامج محو الأمية.

وتكمن أهمية هذه الدراسة فى أنها تلقى الأضواء على مفهوم التعلم الذاتى، وأهدافه، ووسائله  وأساليبه المناسبة لمن تخرج فى برامج محو الأمية للوصول به إلى مستوى مناسب من التعليم الأساسى.

وتبرز أهمية هذه الدراسة أيضاً فى توضيح البدائل المختلفة لتعلم ذاتى فعال فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية حتى يستطيع أفراد المجتمع العربى ترجمة أسس التربية المستديمة إلى أفعال محددة وأعمال واقعية بحيث تتناسب واحتياجات الأفراد فى هذه المرحلة العمرية، فتطوير استراتيجيات التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية حتى تناسب احتياجات الدارسين يعتبر مجالاً هاماً للدراسة والبحث، وينتظر أن تسهم نتائجه فى تقدم العمل فى هذا المجال .

 البحوث والدراسات السابقة:

حظى التعلم الذاتى باهتمام كبير جداً من مراكز البحوث والباحثين فى مجال العلوم التربوية، فنشير -على سبيل المثال وليس الحصر- إلى أهم البحوث والدراسات السابقة فى مجال التعلم الذاتى فيما يلى:

أولا: بحوث ودراسات سابقة فى مجال التعلم الذاتى وأجريت تحت إشراف مكتب التربية العربى لدول الخليج وأهمها:

دراسة حول التعلم الذاتى وتطوير المناهج وأساليب التدريس فى دول الخليج العربى عام 1985 ودراسة حول التعلم الذاتى فى المناهج العمانية قدمت للحلقة الدراسية الخاصة بالتعلم الذاتى وتطوير المناهج وأساليب التدريس فى دول الخليج العربى المنعقدة فى الرياض خلال الفترة من 25 إلى 27 يناير 1986 ، بالإضافة إلى دراسة حول التعلم الذاتى الجماعى بين النظرية والتطبيق عام 1986 والتى أعدها محمد شحات الخطيب وتم نشرها فى مجلة رسالة الخليج العربى التى يشرف عليها مكتب التربية العربى لدول الخليج .

ركزت هذه الدراسات على مفهوم التعلم الذاتى وعلاقته بالتربية المستديمة فى إطار العمل المدرسى فى دول الخليج العربية، بالإضافة إلى عرض كافة الإتجاهات حول تطبيق أساليبه من أجل تطوير المناهج وطرق التدريس فى المنظومة التعليمية لدول الخليج العربية.

ثانياً : بحوث ودراسات عربية أخرى منشورة فى مجال التعلم الذاتى، ومن أهمها:

دراسة حسن حسين جامع عام 1986م حول التعلم الذاتى وتطبيقاته التربوية فى الكويت، ودراسة حسن حمدى الطوبجى عام 1987م حول التعلم الذاتى: مفهومه، مميزاته، وخصائصه ، ودراسة أحمد عبد الله العلى عام 1987م فى التعلم الذاتى بين النظرية والتطبيق فى المجتمع الكويتى أيضاً ، بالإضافة إلى دراستى محمود عباس عابدين عامى 1989م، 1993م حول التعلم الذاتى والأدوار الجديدة للمعلم فى مصر، والتعلم الذاتى بين الفكر والتطبيق، دراسة تحليلية لآراء معلمى المرحلتين الإعدادية والثانوية فى سلطنة عمان .

حددت هذه الدراسات أهم استراتيجيات التعلم الذاتى، وفرقت بين مفهومه وبين غيره من وسائل وأساليب التربية المستديمة: فالتعلم الذاتى- من وجهة نظر هذه الدراسات هو أسلوب للتعلم والتعليم تتاح فيه الفرصة للمتعلم للمشاركة الفعالة فى جوانب العملية التعليمية كلها أو بعضها، وفقاً للإمكانات المتاحة، وللتقدم فى عملية التعلم معتمداً أساساً على ذاته، ومستفيداً من المبادئ التربوية وتكنولوجيا التعليم المتاحة، وفقاً لامكاناته المتعددة، وبإشراف من المعلم وتوجيهه، على أن يتحمل المتعلم نتائج تعلمه، ويستطيع أن يقوم نفسه بنفسه وصولاً للأهداف التعليمية التعلمية.

ويختلف هذا المفهوم عن مفهوم التعليم الفردى الذى يعنى التعليم الموجه إلى كل فرد على حده، ويتخذ صوراً متعددة من قبل المعلم الذى يحدد الهدف للمتعلم وأسلوب التعلم وطرق التقييم ومعايير الأداء.

ويختلف مفهوم التعلم الذاتى عن مفهوم الدراسات المستقلة التى تعنى أن يختار المتعلم أحد الموضوعات الدراسية، ويتوسع فى دراستها للحصول على تقدير خاص، أو لاستكمال مقررات دراسية لازمة للتخرج.

كما أشارت هذه الدراسات إلى تزايد الإهتمام بالتعلم الذاتى وأساليبه وأشكاله مثل القراءة الذاتية والمناقشات والرحلات والواجبات المنزلية وما يتصل بها من تدريبات ومهام مكملة للمواد الدراسية وبما يشجع الأنشطة التلقائية لدى المتعلمين ويزيد قدراتهم الاستقلالية فى إنجاز المهام التعليمية المختلفة.

ثالثاً : بحوث ودراسات أجنبية فى مجال التعلم الذاتى وأساليبه منه 

دراسة سكاجر (Skager, 1984) ، ودراسة جريفين (Griffin, 1985) ، ودراسة كلايين Klein, 1985) (75، ودراسة توج (Tough, 1985)، ودراسة كاندى (Candy, 1991)، والدراسة الكندية عن التعلم بالمشاركة Learning Partnership(82) ودراسة لونج (Long, 1993)، ودراسة شتيرن وهوبر (Stern& Huber1996, ).

ركزت هذه الدراسات على أساليب التعلم الذاتى مثل التعليم المبرمج، والتعليم بواسطة الحاسوب، والتعلم بالوسائل السمعية والبصرية، والتعلم بالحقائب والرزم التعليمية، والتعلم بالإكتشاف للأفكار والمفاهيم المختلفة، بالإضافة إلى الحوار والمشاركة والمناقشة والاستعانة بكتب ومراجع دراسية إضافية، وزيارات ميدانية، والأبحاث والتقارير المصغرة، والاشتراك فى المسابقات الثقافية، إلى جانب التعليم الموجه ذاتياً: مفهومه وتكنولوجياته وأوجه استفادة الكبار منه كأحد البدائل المقترحة للتعلم مدى الحياة التى يحتاج إليها كل من الرجال والنساء فى مجتمع ديناميكى متزايد المعرفة.

وهكذا تشير البحوث والدراسات السابقة إلى تزايد الإهتمام بالتعلم الذاتى، وأدوار المعلم فيه خلال مراحل التعليم النظامية (من المرحلة الابتدائية حتى الدراسات العليا)، كما أشارت نتائج هذه الدراسات السابقة إلى التاثيرات الإيجابية لوسائل التعلم الذاتى وأساليبه المختلفة فى أنشطة التعليم النظامى، خاصة ما يتعلق بتأثيرات التعلم الذاتى فى جوانب التحصيل الدراسى وتنمية المهارات وتغير الإتجاهات وغيرها. وهذا أمر منطقى حيث يتم تدريب المتعلم- خلال مراحل تعليمه النظامية- على المهارات والعادات والأساليب اللازمة لذلك عن طريق إتباع طرائق التعلم الذاتى فى بعض موضوعات الدراسة، كما يجب أن يتم تدريب المعلم على أدواره الجديدة فى مجال التعلم الذاتى.

وفى الوقت الحاضر يفرض التعلم الذاتى نفسه على الأنشطة التربوية غير النظامية فى المجتمعات العربية استجابة للعديد من العوامل، لعل من أهمها:

أولاً:    تزايد الإهتمام باستراتيجيات التعلم والتعليم فى مرحلة ما بعد محو الأمية كأحد البدائل المقترحة للتربية المستمرة بين الرجال والنساء اللواتى محيت أميتهم حديثاً فى مجتمعات اليوم التى تتميز بتزايد المعرفة، وقد أشارت العديد من الدراسات العلمية إلى كيفية استفادة الكبار من برامج التربية اللاحقة لمحو الأمية ومن أمثلة هذه الدراسات: دراسة أوانا (Ouane, A. et al., 1984)، دراسة ماشاريا (Macharia, D. et al., 1985) (80)، دراسة الشراح وخباص (1985) ، دراسة جلال ونصار (1985) (20)، دراسة جيوان (Jiyuon, L. et al., 1986)، دراسة كواتينو (Coutinho, A. M. et al., 1986)، دراسة بروكفيلد (Brookfield, 1986)، دراسة جارفيس (Jarvis, 1987)، دراسة بيتر (Peter, 1994).

ثانياً:   إتجاه المجتمعات العربية إلى نشر التعليم بين كافة الأفراد، إلى جانب محو أمية الكبار وصولاً إلى تحقيق التنمية المنشودة، ومن ثم فهؤلاء الذين محيت أميتهم، وكذلك الذين أنهوا المرحلة الأولى من التعليم الأساسى معرضون للإرتداد إلى الأمية مالم تتوافر لهم وسائل وأساليب التربية المستديمة، ومن بينها بالطبع وسائل وأساليب التعلم الذاتى التى تعينهم على الاحتفاظ بالمعارف والمهارات المكتسبة، وتفتح أمامهم فرص استمرارية التثقيف والتعليم، فمحو الأمية الذى نسعى إليه، ليس مجرد محو الأمية الأبجدية، ولكنه يستهدف أساساً ما يلى:

  -  اكتساب الدارسين المهارات الأساسية فى القراءة والكتابة والحساب، بما يتلاءم مع المستوى الوظيفى الذى يمكن الدارسين من التعامل مع المؤسسات، والمساهمة فى مجالات التنمية الشاملة.

  -  اكتساب المهارات والخبرات العملية الملائمة فى المجالات المهنية.

  -  التزود بالحقائق الأساسية التى تتضمنها مختلف المواد الدراسية بالتعليم الأساسى.

  -  تعميق الشعور الدينى، وتدعيم المفاهيم والسلوكيات السليمة.

  -  تكوين الإتجاه العلمى، واكتساب مهارات تطبيقه فى حل مشاكل الحياة العملية.

  -  إحياء الإتجاهات الاجتماعية الأصيلة فى المجتمع وتأكيدها.

  -  تكوين الإتجاه نحو استمرار التعليم، واكتساب مهارات التعلم الذاتى.

ثالثاً:   حققت النظم التربوية العربية بعض الإنجازات فى مجال مكافحة الأمية، فقد حدثت نسبة تحسن بلغت حوالى (22%) خلال الفترة من (1970 إلى 1990) فى هذا المجال، وسيظل الكبار والصغار المتخرجون من برامج محو الأمية وكذلك الأطفال المتسربون من مرحلة التعليم الأساسى معرضون للإرتداد مرة ثانية إلى الأمية مالم تتواجد استراتيجيات لتعلم ذاتى فعال يعمل على منع خطر ذلك الإرتداد، بالإضافة إلى ما يهدف إليه التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية من تطوير شخصية الفرد، وتنمية أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية.

رابعاً: إن المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية هامة من حيث أنها تتيح الفرص لمزيد من التعليم للفرد الذى يمثل عنصراً رئيسياً فى إيجاد البيئة المتعلمة المثلى فى المجتمع، ومن ثم يفرض التعلم الذاتى نفسه على مرحلة ما بعد محو الأمية ضمن إطار التربية المستديمة للأفراد.

وفى ضوء العوامل السابقة تأتى هذه الدراسة الوصفية التحليلية لكى تناقش مفهوم وأهداف ووسائل التعلم الذاتى التى تمنع الأفراد المتعلمين حديثاً من الإرتداد إلى الأمية، وتمكنهم فى الوقت نفسه من تحقيق أهداف تنموية أوسع ترتبط بتطوير “كيف الحياة” لأولئك الأفراد الذين محيت أميتهم، إلى جانب تحقيق أبعاد التنمية المجتمعية، وتحقيق مضامين التربية المستديمة فى المجتمعات العربية.

 منهج الدراسة، وأدواتها، وخطة السير فيها:

المنهج المستخدم فى هذه الدراسة هو المنهج الوصفى التحليلى، حيث يهتم هذا المنهج، فى جانبه الوصفى، بتحليل استراتيجيات التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية: مفهومه وأهدافه، ووسائله. والدراسة الحالية، إذ تستخدم هذا المنهج الوصفى التحليلى، يوجهها فى ذلك هدفها النهائى وهو طرح ملامح تصورات مستقبلية لتطوير مفهوم وأهداف ووسائل التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية.

وتستخدم هذه الدراسة الكتابات المتاحة حول المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية، وكذلك الأفكار النظرية حول التعلم الذاتى ووسائله المختلفة للبحث فى هذه المشكلة وتعظيم دور التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية.

ولكى تحقق هذه الدراسة أهدافها، وتجيب عن التساؤلات المثارة، سارت وفقاً للخطوات التالية:

أولاً:عرض الإطار التمهيدى للدراسة، حيث تناولت الدراسة مقدمة ومدخلاً إلى المشكلة، وطرحت أهم ملامح المشكلة والتساؤلات المثارة، بالإضافة إلى مصطلحات الدراسة، وأهميتها، والبحوث والدراسات السابقة، ومنهج الدراسة وخطة السير فيها.

ثانياً:استراتيجيات التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية، حيث تم عرض مفهوم التعلم الذاتى، وأهدافه ووسائله فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية.

ثالثاً:واقع التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية، حيث عرضت الدراسة فى هذا الجزء واقع التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى بعض الأقطار العربية التى توافرت لدى الباحث معلومات وكتابات عنها، وفى ضوء واقع التربية فيما بعد محو الأمية فى البلدان العربية يمكن بالتحليل النظرى التوصل إلى واقع التعلم الذاتى فى هذه المرحلة.

رابعاً:استخلاص أهم ملامح التصورات المستقبلية لتطوير مفهوم وأهداف ووسائل التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية.

ثانياً : استراتيجيات التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية

  مفهوم التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية:

حدد طلعت منصور عدة مفاهيم للتعلم الذاتى منها المفهوم السلوكى للتعلم الذاتى على أنه السلوك الاستقلالى للفرد، وعلى أنه التنظيم الذاتى لنشاط ما. وقد يشيع فهم التعلم الذاتى فى ضوء اكتساب المعلومات وتوسيع وإثراء الحصيلة المعرفية للفرد، وما يبذله من جهد مقصود فى هذا السبيل، ويكون التعلم الذاتى وفقاً لهذا التصور، نشاطاً معرفياً.

أما المفهوم الشامل للتعلم الذاتى فيرى عنه طلعت منصور أنه ليس نشاطاً معرفياً فحسب، ولا نمطاً سلوكياً متعوداً فحسب، وإنما هو بالدرجة الأولى نشاط الشخصية، التعلم الذاتى من ناحية، أسلوب حياة الفرد (الشخصية) فى تحقيق الذات، وفى استمرارية تحقيق الذات وفى التنمية الذاتية المضطردة، عائد هذا الأسلوب المتعلم من ناحية أخرى، نماء وارتقاء فى الشخصية.

والتعلم الذاتى هو النشاط الواعى للفرد، الذى يستمد حركته ووجهته من الانبعاث الذاتى والامتاع الداخلى والتنظيم الذاتى بهدف تغييره لشخصه نحو مستويات أفضل من النماء والارتقاء، وبهذا فإن التعلم الذاتى يسمح للشخصية أن تصير أكثر استقلالية عن الظروف الخارجية، وفى الوقت نفسه فإن مقدرة الشخص بواسطة التعلم الذاتى على التأثير بوعى فى طبيعة العلاقات المتبادلة مع العالم الخارجى تعطيه إمكانية تحديد وجهة التعلم بطريقة استقلالية. التعلم الذاتى إذن يمثل ركيزة الشخصية فى النماء والإرتقاء، وهو فى الوقت نفسه دالة النماء والارتقاء .

والتعلم الذاتى- من وجهة نظر عدة دراسات علمية - هو أسلوب للتعليم والعلم تتاح فيه الفرصة للمتعلم لنوع ما من أنواع الدراسات المستقلة من أجل اكتساب تعليمات أو توجيهات ذاتية مما يمكن الفرد من امتلاك مهارات التعلم الفردى وبما يؤدى إلى المشاركة الفعالة فى جوانب العملية التعليمية كلها أو بعضها وفقاً للإمكانات المتاحة، وللتقدم فى عملية التعلم معتمداً أساساً المبادرة الفردية.

وهكذا فإن التعلم الذاتى هو أن يعلم الفرد نفسه بنفسه بطريقة المبادرة الفردية وفقاً لامكاناته التعليمية ومستفيداً من كافة البدائل التربوية المتاحة فى المواقف التعليمية التعلمية المختلفة، فالتربية سوف تصبح عملية تعلم وتعليم مستمرة، ولن تكون المدارس والجامعات هى الأماكن الوحيدة للتعلم والتعليم، وإنما سيكون فى استطاعة الأفراد التعلم فى بيوتهم من خلال الكثير من التقنيات الإلكترونية مثل الإذاعة والتليفزيون .

فالتفكير السائد فى تأمل نظريات التعلم يدعم بشدة استخدام الأفكار الميسرة فى التعلم، فالكبار والصغار يستطيعون التعلم بواسطة أسلوب حل المشكلات إلى جانب التعلم الموجه ذاتياً .

والمقصود بالتعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية هو أن يكتسب الفرد بنفسه المعارف والمهارات التى يحتاج إليها أثناء تعلمه خارج المدرسة بحيث يؤدى هذا إلى جعل الفرد قادراً بنفسه على تطوير “كيف الحياة”، وإثراء شخصيته اجتماعياً ومهنياً إلى اقصى حد ممكن، وذلك من خلال البحث عن المعارف والمهارات الجديدة وتحصيلها ومتابعتها وتقويمها ذاتياً وبدون مرشد أو دليل.

وعلى هذا فإن التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية مرتبط بمفهوم التربية المستديمة باعتبار أن عمليات التربية مستمرة وهادفة جميعها إلى التقليل من عدم المساواة وإلى ربط التربية بالعمل والإنتاجية، والتى تحقق الهدف الأكبر وهو التنمية المرتبطة “بكيف الحياة”  وينبغى أن يتاح التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية إلى الفئات الاجتماعية التالية:

   -  الأفراد غير القادرين على مواصلة التعليم فى مراحل التعليم النظامية والمتخرجين من برامج محو الأمية.

   -  الأطفال المتسربون من مرحلة التعليم الأساسى.

   -  الأفراد الذين فى حاجة إلى التزود بقدر مناسب من المهارات والمعارف من خلال التعلم الذاتى.

  وبتطور مفهوم التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية وباتساع أهدافها من المحافظة على مهارات القراءة والكتابة المكتسبة من برامج محو الأمية إلى تطوير "كيف الحياة" للأفراد، اتسع أيضاً مفهوم التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية ليشمل كافة الجهود التربوية الموجهة للأفراد لإكسابهم مبادئ التعلم المستقل التى تفى باحتياجاتهم التعليمية وتحقق نموهم المتكامل فى جميع المجالات.

وبهذا المفهوم للتعلم الذاتى تصبح التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية أداة للتنمية والتغير الاجتماعى والحضارى والثقافى، وأداة للتكامل والتوافق مع متطلبات العصر وتحدياته، بما يتيح للأفراد فرصة التدريب والتأهيل ذاتياً فى إطار فكرة التعليم المستمرمدى الحياة، وهى الفكرة التى تتسع لتشمل الاستفادة من كافة الأنشطة التربوية التى تقدم خارج النظام المدرسى .

وهكذا اتخذ مفهوم التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية مفهوماً أوسع وأشمل من الدراسات الحرة أو التدريب المهنى، فقد أصبح التعلم الذاتى شاملاً لأى نشاط يقوم به الفرد بنفسه ويؤدى به إلى اكتساب المعارف والمهارات الجديدة وتحصيلها ومتابعتها وتقويمها ذاتياً بدون مرشد أو دليل.

 أهداف التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية:

لعل من أهم أهداف التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية يتمثل فى المحافظة على مستوى مهارات القراءة والكتابة والحساب المكتسبة من برامج التربية فى مرحلة محو الأمية. والهدف الثانى يتمثل فى تطوير شخصية الفرد وتنمية أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية .

وهكذا فإن هدف التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية لايقتصر فقط على مجرد المحافظة على مستويات معرفة القراءة والكتابة، ولكنه أعمق بكثير فى مفهومه من كل ذلك.

إن التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية يتصل من ناحية بالإنسان ذاته، وبقدرته وبتفكيره، ومن ناحية أخرى بنشاطه فى كافة جوانب الحياة، وفى إطار هذه النظرة إلى مفهوم التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية كجزء من استمرارية التربية (التربية المستديمة) فهناك العديد من الأهداف التربوية المتوخاه التى يمكن تحقيقها لدى الفئات البشرية المستهدفة.

وبصفة عامة فإن التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية يمكن أن يحقق الأهداف التربوية التالية:

 -  تطوير "كيف الحياة" لأولئك الأفراد الذين محيت أميتهم.

 -  تحقيق أبعاد التنمية المجتمعية.

 -  تحقيق مضامين التربية المستديمة.

 تطوير "كيف الحياة" لأولئك الأفراد الذين محيت أميتهم:

يهدف التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية إلى تطوير "كيف الحياة" فيما بين الأفراد الذين محيت أميتهم. ويتم ذلك عن طريق مساعدة هؤلاء الأفراد على الاحتفاظ بالمهارات المكتسبة ومواصلة التعلم. ويقع كل ذلك فى إطار التربية المستديمة والتى تهدف فى النهاية إلى تحسين "كيف الحياة" لهذه المجموعات البشرية المستهدفة، وتساعدهم على المشاركة الإيجابية فى حل القضايا المجتمعية.

ويمكن لمفهوم التعلم الذاتى ووسائله أن تحقق هذا الهدف إذا راعت احتياجات الأفراد الذين محيت أميتهم واهتماماتهم ومشكلاتهم ومتطلبات مجتمعاتهم المحلية .

وفى ضوء هذا يلزم ألا تكون أهداف التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية ضيقة ومرتبطة بمتطلبات خطط تربوية قصيرة الأجل للتنمية البشرية، وإنما لابد وأن تتضمن إطاراً أوسع من مهارات الحياة والقيم الاجتماعية.

فالتعلم الذاتى له دور هام فى تطوير المهارات الاجتماعية وتغيير الإتجاهات التى يعتنقها الفرد، وتحديث المعلومات التى لاغنى عنها للحياة السوية للأفرد .

أما من حيث مضمون التعلم الذاتى وأساليبه ووسائله المختلفة فلابد أن يشتمل على معلومات متكاملة عن مختلف شئون الحياة لدى هؤلاء الأفراد. ويجب أيضاً أن يوضع فى الاعتبار خصائص هؤلاء الأفراد وخبراتهم السابقة، وقدراتهم وميولهم وطموحاتهم .

فطلاب التعلم الذاتى فى مجال التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية عبارة عن مجموعات غير متجانسة عمرياً، كما أن المستويات التعليمية فيما بين هؤلاء الأفراد مختلفة. ومن ثم فليس هناك اهتمامات موحدة وعامة بينهم. ومن ثم يجب أن تتعدد وسائل التربية اللاحقة لمحو الأمية لتناسب حاجات الأفراد .

 تحقيق أبعاد التنمية المجتمعية:

يمكن تعريف التنمية المجتمعية على أنها عملية شاملة ومخططة وتتضمن التغيير والتطوير فى كافة جوانب الحياة فى المجتمع. هذا التغيير والتطوير يمكن وصفه على المستوى الفردى والمجتمعى. والتنمية المجتمعية تحقق الاستثمار الأمثل لجميع الموارد والامكانيات البشرية والمادية فى المجتمع .

وتستهدف التنمية المجتمعية فى الغالب الانسان، صانع التنمية ووسيلتها وغاياتها. فتسعى إلى تحقيق استقلال الفرد اقتصادياً، ورفع مستوى معيشته، إلى جانب توفير حياة أفضل له، وتمكينه من اكتساب منجزات العصر والاستفادة من وسائله التكنولوجية .

هذا والتعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية يجب أن يتيح للأفراد المشاركة الفعالة فى جهود التنمية الشاملة فى المجتمع. ذلك لأن التعلم الذاتى وسيلة فعالة فى مجال تعليم الكبار، وتعليم الكبار يعتبر أحد العناصر الأساسية لتحقيق التنمية بأبعادها المختلفة. كما أن قيمة تعليم الفرد وتعلمه لاينبغى أن تقاس فقط بنسبة إضافتها الكمية إلى النمو الاقتصادى، ولكن أيضاً بالإشارة إلى دورها فى إزالة عوامل الفقر لدى الفرد أو التخفيف من مساوئه، وزيادة فرص العمل للمواطنيين بالإضافة إلى تحسين توزيع الداخل بينهم، وأن التعليم والتعلم له قيمة فردية من حيث زيادة إنتاج المواطن، وقيمة اجتماعية من حيث تحسين إنتاجية بقية أفراد المجتمع، كما أن التعليم له قيمة فى حد ذاته كأستجابة ملائمة لمشكلة مقصودة .

كما تتضح أهمية التعلم الذاتى للأفراد، من حيث إتاحة مجموعة من المهارات والمعارف المفيدة التى يستطيعون اكتسابها من أجل تنمية ذواتهم وتطوير مجتمعاتهم .

ولقد أصبح من المعترف به الآن أن تحسين أوضاع الفرد صار هدفاً للتعلم الذاتى الفعال. ومن ثم فقد أصبحت وسائل التعلم الذاتى تهدف- بالإضافة إلى مهارات إكساب القراءة والكتابة والاحتفاظ بهما لدى الفرد- إلى تحسين صحته، ورفع مستوى دخله وتزويده بمهارات إنتاجية مختلفة، بالإضافة إلى زيادة وعيه الوطنى، بما يؤدى إلى ارتباط عملية التعلم الذاتى للفرد بعمليات التنمية المجتمعية الشاملة.

وينبغى أن يتضمن التعلم الذاتى لهذه الفئات المستهدفة بعض القيم والأنماط السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى المجتمع، كما ينبغى أن ترتكز برامج التعلم الذاتى على مجالات التنمية المجتمعية، ومتصلاً بها، أى أن يغطى دوراً وظيفياً تجاه شرح برامج التنمية المجتمعية .

 تحقيق مضامين التربية المستديمة:

الهدف الثالث من أهداف التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية هو محاولة تحقيق مضامين التربية المستديمة، ومن هذه المضامين الشمول بحيث يحيط بمختلف وسائل التعلم الذاتى كل أشكال التربية ومظاهرها .

والمضمون الثانى هو التكامل مع أوقات الفراغ فى الحياة وخلال كل مراحل العمر، ومع مطالب الحياة للفرد سواء من الناحية الشخصية (الفردية) أو الاجتماعية أو المهنية .

ومن أهم مبادئ التربية المستديمة الأخرى التى يمكن أن تكون ذات علاقة بالتعلم الذاتى فى مرحلة ما بعد محو الأمية مضمون المرونة بحيث تتاح بدائل مختلفة لوسائل التعلم الذاتى تناسب الأفراد والجماعات فى اوضاع حياتهم المتعددة .

هذا ومضمون التعلم الذاتى يعترف باحتياجات النمو للفرد، ويتضمن مسئولية التخطيط الذاتى للأنشطة التربوية المناسبة، كما يتضمن التربية المستديمة ومبادئ القدرة على التعلم والمشاركة فى التنوير والتحديث والاستعداد للتعلم من أجل تغيير وتحسين أسس التعلم والمشاركة والتقويم

وإذا كانت التربية المستديمة تحل المشاكل الأساسية للتعليم، فإن ذلك يعود إلى أنها تهدف الإنسان ككل من جميع جوانبه وخلال حياته كلها، ومن ثم تسمو التربية المستديمة فوق عقبات التعليم، وتأخذ مبادئ التعلم الذاتى أساساً لممارسة أنشطتها الثقافية والفنية، وبما يمكن الإنسان من تطوير قدراته.

وحيث أن إطار التعليم المستمر يسعى إلى إيجاد مواطنين أسوياء، فإن المخططين للتعلم الذاتى الفعال فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية عليهم أن يأخذوا فى اعتبارهم تأمين حاجات المتعلمين الجدد وإكسابهم القيم المجتمعية التى تساعد على تنمية قدراتهم وتصرفاتهم فى مجال المواطنة الصالحة فى المجتمع الانسانى ولذا ينبغى أن يجرى تحديد متطلبات تنمية الشخصية الاجتماعية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية بشكل تدريجى مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون هذه الحاجات والمتطلبات متنوعة ومرنة بحيث تفى متطلبات هؤلاء الدارسين لإحداث النمو الشامل والمتكامل فى الشخصية الاجتماعية.

وينبغى على المسئولين عن برامج التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية الأخذ بعين الاعتبار أبعاد التطور فى مفهوم القيم الثقافية فى المجتمع، كما ينبغى أن تعكس خطوات التعلم الذاتى فى هذا المجال الأهداف العامة للواقع الثقافى للمجتمع.

ومن ثم فإن التعلم الذاتى فى هذه المرحلة اللاحقة لمحو الأمية ينبغى أن يركز على الفرد الذى محيت أميته، بإبراز دوره الفعال ومدى مشاركته الإيجابية فى شئون المجتمع، فيتغير دوره السلبى إلى مشارك وناقد.

والمستقبل القريب سيتطلب من كل فرد فى المجتمع أن يكون متعلماً وساعياً إلى فضل من المعرفة، وستصبح مؤسسات العمل والإنتاج مؤسسات تدريبية وتعليمية فى الوقت نفسه. ومن ثم سوف يأتى التعلم الذاتى أو تعلم التعلم على رأس قائمة الأولويات فى المجتمعات العربية. وسوف يركز التعلم الذاتى- أو ينبغى أن يركز على أدوات التعلم ومنها تعلم القراءة والكتابة والتعبير الشفوى والحساب وحل المشكلات والمعارف العلمية والاجتماعية الضرورية، وتكوين الدوافع والمضامين الأساسية للتعلم كالمهارات التقنية والقيم والإتجاهات الملائمة للعمل والإنتاج، إلى جانب القدرة على البحث الذاتى عن المعرفة.

وهكذا يهدف التعلم الذاتى إلى تزويد المتعلم بالمعارف والقدرات والمواقف والإتجاهات التى تمكنه من أن يعلم نفسه طوال الحياة، ومن أن يجدد تكوينه دوماً.

 وسائل التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية:

تتنوع وسائل التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية، وتتكامل فى تحقيق أهداف التربية المستديمة بين أفراد المجتمع وتوفر لهم الفرص التربوية التى تساير التعليم النظامى أو توازية أو تكمله.

وأهم وسائل التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية: الصحف، والنصوص المكتوبة، والوسائل المتممة للقراءة، والمكتبات، والإذاعة والتليفزيون، إلى جانب وسائل تربوية أخرى فى التعلم الذاتى.

تنشر بعض المجتمعات الإنسانية صحفاً يومية، وصحف حائط، ومجلات للمتحررين حديثاً من الأمية. كما يتم تخصيص صفحات خاصة فى الصحف اليومية للمتحررين حديثاً من الأمية. وعملاً على أن تحقق هذه الأنواع من الصحف أهدافها التربوية وتصبح وسائل فعالة فى مجال التعلم الذاتى، لابد وأن تقدم عرضاً مختصراً عن مجالات الإهتمام المختلفة ذات الصلة بالأمور الاجتماعية والاقتصادية للأفراد والتى يمكن أن تنمى خبرات المجموعات المستهدفة وتزيد من درجات وعيهم بمشكلات المجتمع سواء على المستوى المحلى أو القومى .

وينبغى الإشارة إلى مراعاة عدة أمور فى هذا المجال منها مراعاة تبسيط النص فى الصحف بحيث يسهل قراءته، إلى جانب وشموله وتكامله فى مجالات الإهتمام الخاصة بهذه الفئة الاجتماعية لتناسب مستواها الثقافى العام، كما يراعى فى المادة المطبوعة مدى علاقتها بالخبرات السابقة فى القراءة، وأن تكتب بلغة مناسبة لمستوى هؤلاء الأفراد .

كما يلزم أن يكون المقال الصحفى وحدة من المعلومات الشاملة والمتماسكة، وهذا يقودنا إلى أهمية أن تكون أهداف ومضمون المقالات الصحفية الموجهة للمتحررين حديثاً من الأمية محددة ومنظمة ومقسمة إلى فقرات واضحة تناسب إدراكهم المعرفى.

تنشر بعض الهيئات والدوائر والوزارات نصوصاً مكتوبة لأغراض تربوية مرتبطة بتحسين بعض المهارات الحياتية مثل مهارات الزراعة والمرور، وزيادة الوعى الصحى وغيرها من المهارات. وتتحدد رسالة النصوص المكتوبة وفق المجموعة المستهدفة من أفراد المجتمع، وتشكل النصوص المطبوعة وسيلة هامة من وسائل التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية للاحتفاظ بمهارات القراءة كما تعين المتحررين حديثاً من الأمية أن يكتسبوا معلومات وخبرات جديدة فى مجال أعمالهم .

وينبغى على القائمين على إعداد هذه النصوص المكتوبة أن يكونوا قادرين على تصور الدور التربوى المأمول من هذه النصوص المكتوبة، وأصول التنفيذ حسب الحاجات، ومن ثم يجب أن تنظم هذه النصوص المكتوبة وفقاً لمعايير المجتمع وتقابل حاجات المتعلمين وترتبط بواقعهم الثقافى واحتياجاتهم وظروفهم، هذا وتصور الاحتياجات حسب ظروف المتعلمين الجدد يتطلب إرساء قواعد التفاوض وإبداء الرأى والاستشارة بين جميع المتصلين بهذا العمل.

 الوسائل المتممة للقراءة:

ومن هذه الوسائل المتممة للقراءة زيارة المتاحف والمعارض والتى يمكن ربطها بشكل أو بآخر بنمط التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية باعتبار أن كلا من المتاحف والمعارض يشكلان وسائل لمواصلة التعلم والاستزادة من المعرفة.

ولكى تؤتى الوسائل المتممة للقراءة أغراضها كوسائل لاكتساب المعرفة لابد من التخطيط الجيد لها لتصبح ذات دلالة للمجموعات المستهدفة من أفراد المجتمع.

وإلى جانب المتاحف والمعارض، فإن الزيارات الميدانية لمجالات التنمية الزراعية والصناعية والمشروعات الاستثمارية والمناطق الحرة فى المجتمع تشكل عنصراً هاماً ووسيلة جيدة من وسائل التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية.

 المكتبات:

لقد أصبحت المكتبات اليوم ضرورية لكل مجتمع ضرورة المدرسة نفسها، ولعل اختلاف البيئات وتنوعها يفرض على كل مكتبة تطوير خدماتها بحيث تلائم الأوضاع الاجتماعية وتقدم للأفراد الخدمات التى يسعون إليها، إلى جانب اعتبارها عاملاً فعالاً فى تحسين وسائل حياتهم، ورفع مستوى ثقافتهم المهنية والاجتماعية .

كما تلعب المكتبات دوراً تربوياً هاماً وتساهم بنصيب وافر فى تحقيق أهداف التربية والتربية المستمرة والتعلم الذاتى، حيث يجد فيها الأفراد الزاد الثقافى فى مختلف أعمارهم ومواقعهم، فالتربية فى أوسع معانيها هى عملية الارتباط بالثقافة والتلاؤم معها من خلال الاتصال بمصادر الثقافة كالكتب والشخصيات والمؤسسات الثقافية والاجتماعية وغيرها من مصادر الثقافة بالمجتمع .

وبناء عليه يمكن الاستفادة من المكتبات بإضافة أقسام خاصة بالمطبوعات ذات الأهمية للقراء الجدد من خريجى مراكز محو الأمية وتعليم الكبار وغيرهم من الرغبين فى مواصلة التعلم فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية، كما يمكن الاستعانة بالمكتبات المتنقلة لتحقيق الأغراض التربوية فى المجتمعات الريفية والبدوية فى المجتمعات الإنسانية المختلفة.

 الإذاعة والتليفزيون:

تستخدم الإذاعة والتليفزيون وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة البرامج التربوية كوسائل للتعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية. فهذه البرامج تتيح فرصاً أفضل وبطريقة جذابة لأفراد المجتمع للاستفادة من برامج التربية فيها.

ويساعد على تحقيق هذا أن يتم عرض هذه البرامج بطريقة جذابة تستجيب لاحتياجات المتحررين حديثاً من الأمية، وتراعى إهتماماتهم، فالوسائل الاتصالية الحديثة لها طاقات يمكن استخدامها فى إيجاد دافع التعلم لدى الأفراد الراغبين فيه بصورة تحقق زيادة وعيهم بأهمية التعلم فيما بعد محو الأمية ومواصلة التعليم. فكما هو معروف أن وسائل الاتصال الحديثة جماهيرية فى طبيعتها، ومن ثم يمكن أن تصل برامجها إلى كل أفراد المجتمع. ولا يتعارض هذا مع إمكانية بث برامج معدة كاستجابة لحاجات مجموعات مستهدفة معينة .

 وسائل تربوية أخرى فى التعلم الذاتى:

ومنها الوسائل ذات الطبيعة المهنية التى تسعى إلى تزويد الكبار بمهارات تؤهلهم للقيام بأعمال محددة .

كما أن دور العبادة تلعب دوراً هاماً فى هذا المجال. فالموضوعات الدينية تشمل شئون الحياة المختلفة للأفراد، وبهذا يمكن أن تصبح دور العبادة مراكز تربوية تنشر مبادئ التعلم الذاتى فيما بين أفراد المجتمع.

كما توجد وسائل تربوية موسمية تستهدف تقديم حلول لمشكلات طارئة مثل تلك المشكلات التى تحدث فى الزراعة أو تواجه الصحة العامة للأفراد. ومن الطبيعى أن تتعلم المجموعات المستهدفة كيفية مواجهة تلك المشكلات .

وهناك وسائل وطرائق شعبية فى مجال التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية- تلك هى الوسائل الفولكلورية (الشعبية) حيث تصل إلى تلبية احتياجات الأفراد فى نشر مبادئ الوعى الثقافى وخاصة فى البيئات الريفية والبدوية .

ولقد أصبح من المعترف به أيضاً أهمية الرياضة البدنية فى نشر السلوك المرغوب فيه لدى الأطفال فيمكن للنوادى الرياضية والاجتماعية، ومن خلال برامج منظمة لاستغلال أوقات الفراغ، أن تسهم فى نشر مبادئ التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية .

كما يمكن أن تشارك المعاهد العليا وكليات الجامعات فى الإرتقاء بمبادئ التعلم الذاتى بين هؤلاء الكبار الذين محيت أميتهم، فتستطيع هذه الهيئات التعليمية أن تضع أهدافاً مباشرة وغير مباشرة لمقابلة احتياجات تعليم الجمهور من أجل التنمية، ويتخذ الكبار من وسائل التعلم الذاتى السبل لمقابلة الاحتياجات الاجتماعية بينهم (86).

ثالثاً : واقع التعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية

تعتبر المجتمعات العربية من بين الدول التى تنظر إلى محو أمية الأفراد على أنها العملية التى تمكنهم من القراءة والتعبير كتابة عن فكرة، وإجراء العمليات الحسابية الموازية لمستوى الصف الرابع الإبتدائى. ولكى تتم عملية محو الأمية لابد من أن يتعلم الأفراد جميع المهارات التى يشتمل عليها التعليم الالزامى، وذلك من خلال موضوعات ذات أهمية خاصة لدى هؤلاء الأفراد ومرتبطة بحياتهم العملية، وتتضمن هذه الموضوعات خبرات متنوعة تعين الفرد على نمو شخصيته الاجتماعية. وعندما يصل الفرد الذى يدرس فى برامج محو الأمية إلى مستوى يعادل المستوى التعليمى لتلميذ الصف الرابع الابتدائى، يصبح هذا الشخص قادراً على مواصلة الدراسة فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية .

وتعرض الدراسة فى صفحاتها التالية تعريفات التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية ووسائلها المتعددة، بالإضافة إلى مكانة التعلم الذاتى كوسيلة للتربية اللاحقة لمحو الأمية.

 التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية:

اتسع مفهوم محو أمية الأفراد وأصبح على درجة كبيرة من الشمول وزاد إهتمام المجتمعات العربية والعالمية به. كما ظهرت الدعوات الخالصة إلى متابعة من محيت أميتهم والعناية بهم لارتباط ذلك كله بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية .

وقد درجت بعض الأقطار العربية على اعتبار غير الأمى (من محيت أميته) هو مستوى كل من قضى على الأقل أربع سنوات فى التعليم الابتدائى، أو الحلقة الأولى من التعليم الأساسى، ولكن قدراً من التأمل والتعرف على الواقع يوضح أن نسبة كبيرة من هؤلاء الذين محيت أميتهم لا تعتبر متعلمة بالمفهوم الذى يمكن الإنسان من السيطرة الفعالة على مهارات القراءة والكتابة والحساب. ويعنى بذلك حداً أدنى من سرعة القراءة، وحداًُ أدنى من القدرة على فهم ما يقرأ، وحداً أدنى من القدرة على الكتابة المعبرة والسليمة، وحداً أدنى من القدرة على القيام بعمليات حسابية .

وقد أشارت دراسات عديدة إلى ضعف الجهود المبذولة فى مجال مكافحة الأمية فى المجتمعات العربية حتى فى المستويات الهجائية مما يعرض من محيت أميته للإرتداد إلى الأمية مرة ثانية. كما أن المستوى التعليمى لهؤلاء الأفراد لن يمكنهم من التوظيف الفعال لمهارات القراءة والكتاب والحساب.

من هذا كله بدأ التفكير فى ضرورة وجود أنشطة تربوية لاحقة لبرامج محو الأمية تساعد الأفراد المتعلمين حديثاً على الاحتفاظ بالمهارات المكتسبة من التعليم وتحسين تلك المهارات ورفع مستوى الأداء.

ويتطلب فى هذه الأنشطة التربوية اللاحقة لمحو الأمية عدة شروط لتحقيق الأهداف المرجوة منها وهى: التنظيم الواعى لهذه البرامج التربوية، وتقديم المعارف والمهارات المناسبة للأفراد المتخرجين من برامج محو الأمية.

وفى المجتمعات العربية يقع على مسئوليات التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية إتاحة الفرص التعليمية لأولئك الأفراد الذين محيت أميتهم الهجائية ويرغبون فى توظيف المفردات اللغوية فى تصريف شئون حياتهم

وبهذا تتيح التربية اللاحقة لمحو الأمية فرص استكمال التعلم لأولئك الذين يقدرون على مواصلة التعليم الوظيفى، أى المتصل بشئون الحياة المنتجة فى المجتمع مثل الدراسات التكميلية للمنتهين من المرحلة الإبتدائية أو المتسربين منها، والمتخرجين من مراكز التدريب المهنى. ومن ثم فالتربية فى تلك المرحلة توفر فرصاً تعليمية للكبار والصغار الذين لم يبلغوا مستوى كافياً من مهارات القراءة والكتابة والحساب وغيرها مما يتطلبه المرء لكى يؤدى بكفاءة وظيفته كمواطن ومساهم فى عمليات التنمية فى بلده .

هذا وتعتبر الدراسات المهتمة بالتعلم الذاتى فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية من الدراسات النادرة فى مجال أصول التربية (تخصص الباحث)، وفى الغالب يأتى الحديث عنه عارضاً أثناء تناول مشكلة الأمية وتعليم الكبار فى الدول العربية.

فقد حاولت احدى الدراسات تحليل مشكلة الأمية وتعليم الكبار فى الدول العربية عام 1982. وقد ركزت هذه الدراسة على معوقات برامج محو الأمية وتعليم الكبار، وقدمت مقترحات تساعد فى تحقيق أهداف برامج محو الأمية وتعليم الكبار فى الدول العربية من حيث محو أمية الأفراد المستفيدين من هذه البرامج، والمحافظة على مهارات القراءة والكتابة والحساب بعد الانتهاء من الدراسة.

وقد قام معهد اليونسكو للتربية عام 1985 بعقد جلسة دراسية عن الدول العربية فى مجال تطوير استراتيجيات التعلم فى مرحلة ما بعد محو الأمية ومواصلة التعليم فى إطار التربية المستديمة. وقد اقترح المشاركون فى هذه الحلقة البحثية ضرورة دعم وتقويم مؤسسات التعليم المستخدمة فى مجال ما بعد محو الأمية مثل مدارس الفصل الواحد، ومراكز التدريب على المهن، وبرامج التثقيف العام وغيرها.

كما طالب المشاركون فى هذه الحلقة بتقديم استراتيجيات جديدة فى مجال ما بعد محو الأمية ومواصلة التعلم.

واستهدفت دراسات أخرى إلقاء الضوء على تطور استراتيجيات محو الأمية وتعليم الكبار والجهود المبذولة فى دولة الكويت ضمن إطار مفهوم التعليم المستمر. وأوضحت هذه الدراسات أن التربية اللاحقة لمحو الأمية فى الكويت تتحقق من خلال العلاقات القائمة بين التعليم النظامى وبين برامج تعليم الكبار ومحو الأمية مما يؤدى إلى التكامل بينهما.

أما عن أبعاد برامج ما بعد محو الأمية فى مصر فقد أبرزت إحدى الدراسات مرحلة ما بعد محو الأمية حتى العام الدراسى 84/1985. وخلصت هذه الدراسة إلى نتائج من أهمها أن المشكلة الرئيسية التى تواجه جهود مصر فى مجال مابعد محو الأمية هو غياب الجهاز المتخصص الذى ينسق بين الجهود الموزعة على العديد من المؤسسات مما يؤدى فى كثير من الأحيان إلى تكرار هذه البرامج.

وتتركز برامج التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى مصر حول البرامج المهنية العامة والدراسات الحرة، إلى جانب برامج التدريب المهنى للكبار. وتقدم هذه البرامج لأولئك الذين نالوا قسطاً محدوداً من التعليم ويرغبون فى الاستزادة منه بعد دخولهم ميدان العمل، أو أولئك الذين يجدون أنه من الضرورى استكمال تعليمهم بهدف مواكبة التغيرات الجارية فى بنية المهن.

وفى مجتمع سلطنة عمان بدأ نشاط محو الأمية وتعليم الكبار ، حيث تم فتح فصول محو الأمية للكبار، وبمرور الوقت زادت مراكز محو الأمية وأعداد الشعب والدارسين بها من الذكور والإناث. ثم عملت سلطنة عمان على فتح قنوات التعليم للمتحررين حديثاً من الأمية فأنشأت فصول تعليم الكبار والتى تستقبل دارسيها من الصف الخامس الابتدائى وحتى نهاية المرحلة الثانوية. وتنقسم الفرص التعليمية فى مجال تعليم الكبار إلى نوعين رئيسيين، هما: مجال الدراسات المنتظمة التى تبدأ من مستوى الصف الخامس الابتدائى وتمتد حتى نهاية المرحلة الثانوية. بالإضافة إلى وجود دراسات حرة ومنزلية تمتد أيضاً من مستوى الصف الخامس وحتى نهاية المرحلة الثانوية. أى دراسة حرة تمتد ثمانى سنوات دراسية تقريباً.

ويمكن تلخيص واقع التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى سلطنة عمان فى:

  -  فصول تعليم الكبار فى نوعيها (الدراسة المنتظمة/ والحرة) وفى مراحلها التعليمية الثلاث (الابتدائية/ والاعدادية/ والثانوية).

  -  المحاضرات والندوات الاجتماعية والصحية التى تشرف عليها جهات أخرى غير وزارة التربية والتعليم.

  -  المكتبات الريفية المنتشرة فى ولايات السلطنة.

وتهدف هذه الوسائل فى التربية اللاحقة لمحو الأمية إلى تحرير الفرد من أميته والوصول به إلى مستوى تعليمى وثقافى يمكنه من تملك المهارات الأساسية فى القراءة والكتابة والحساب إلى المستوى الذى يؤهله لمتابعة الدراسة والتدريب إلى جانب الإسهام فى تنمية مجتمعه.

وفى دراسة تحليلية ميدانية عن واقع محو الأمية فى سلطنة عمان عام 1992 تم تحديد عدد من المشكلات فى هذا المجال منها هبوط نسب الملتحقين من الدارسين والدارسات فى الشعب وارتفاع نسب التسرب وعدم الانتظام، وضعف مشاركة الأجهزة الأهلية والمحلية فى تنفيذ وتطوير النشاط فى هذا المجال، ويشير تحليل البيانات إلى أن هناك فاقداً تعليمياً يعود إلى التسرب وعدم الانتظام فى الحضور تصل نسبته إلى حوالى 24% من إجمالى الملتحقين بهذه البرامج التعليمية.

وبالنسبة لتعليم الكبار فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى سلطنة عُمان تشير النتائج إلى ارتفاع قيمة الفاقد التعليمى إلى حوالى 30%، بالإضافة إلى قلة عدد الدارسين والدارسات فى بعض المراكز، وعدم ارتباط المنهج بالاحتياجات الحقيقية للدارسين واهتماماتهم، وارتفاع نسب التسرب والرسوب وعدم الانتظام وقلة الحضور اليومى.

ويقدر المركز الوطنى لمحو الأمية فى الجزائر أن عدد الجزائريين الأميين بلغ عام 1995 حوالى 7.5 مليون من الرجال والنساء، كما بين المركز أن عدد الأميين يمثل بعضاً ممن تعلموا فى يوم ما وعادوا إلى الأمية من جديد، وأن أمية هذا الصنف من الناس تكون المنظومة التربوية مسؤولة عنها. فلا يعقل أن ينفق على الفرد أثناء التعليم مبالغ مالية كبيرة كل سنة، وبعد بضع سنوات يعاد الانفاق على الفرد نفسه فى إطار تطبيق مشاريع وبرامج محو الأمية. وإذا بقيت الأمور على هذه الحالة، فإنه من الصعب القضاء على الأمية ولو بعد اجيال. كما أن تسرب الأطفال وتركهم لمقاعد الدراسة فى سنوات المدرسة الأساسية الثمانية الأولى يصل إلى حوالى 8.5%، ويصل فى السنة التاسعة إلى 31% .

وهكذا يتكشف واقع التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية. فلقد عجزت الجهود المبذولة عن الوفاء بمتطلبات النجاح على المستوى الكمى والكيفى فمن حيث الكم بدت الجهود المبذولة ضئيلة قاصرة إذا قيست بحجم المشكلة فى شتى أبعادها، فبكل ما توافر لهذه الجهود من إمكانات مادية وبشرية لم تزد نسبة الانخفاض السنوية عن 2.4% من متوسط نسبة الأمية فى الوطن العربى، كما أن الناجحين الذين يتابعون الدراسة لكى لايرتدوا إلى أميتهم لم تتعد نسبتهم 1% من جميع الأميين سنوياً وهو عائد غير مشجع فى كل الأحوال، وإنه لو سارت الدول العربية بهذه المعدلات الحالية فالأمر يحتاج إلى قرن من الزمان على افتراض أن عدد الأميين ثابت وهو افتراض يهدمه النمو المطرد من الزيادة السكانية بجانب قصور التعليم الأساسى عن استيعاب جميع الملزمين والذى يزيد من حجم المشكلة وتعقيدها.

كما يكشف الواقع العربى من حيث الكيف أن الجهود المبذولة لم ترق بعد لمستوى المواجهة من حيث المسايرة لمتطلبات التقدم الحضارى المعاصر وبخاصة فى الجوانب المادية منه التى تتمثل فى التقدم التكنولوجى، وما يزال أمر مواجهة الأمية محصوراً فى الإهتمام بتوصيل مهارات القراءة والكتابة والحساب للأميين دون ربطهم بمجتمعاتهم ربطاً يرقون فيه لمستوى الوعى بما يدور فى مجتمعاتهم والعالم المحيط بهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً للتمكن من الإسهام الفعال فى تطوير أنفسهم وتطوير مجتمعاتهم.

ومما سبق يمكن القول بأن المجتمعات العربية بدأت نشاطها فى هذا المجال بمرحلة محو الأمية لدى الكبار، مما أدى فى كثير من الأحيان إلى الخلط بين محو الأمية وتعلم الكبار. ثم رأت بعض هذه المجتمعات العربية أن الوقوف عند جهود محو الأمية ليس كافياً، فسعت إلى رفع عدد سنوات الدراسة فى مرحلة محو الأمية إلى ثلاث سنوات بدلاً من سنتين لتصل بالدارسين إلى مستوى الصف السادس الابتدائى (بدلاً من الصف الرابع الابتدائى) من أجل بلوغ مرحلة تملك المهارات الثلاثة (القراءة والكتابة والحساب).

ثم أدركت المجتمعات العربية أن محو الأمية لايمثل غاية فى حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق غايات أكبر، ولن يتم تحقيق هذه الغايات إلا بالاستمرار فى العمل، فأمدت الجسور بين محو الأمية والتعليم العام فى مراحله المختلفة، وأطلق عليه (تعليم الكبار) وهكذا عملت تلك المجتمعات على توفير فرص تعليمية للكبار فى مرحلة ما بعد محو الأمية بهدف منع الإرتداد إلى الأمية.

لكن الواقع يكشف عن وجود مشكلات تواجه تعليم الكبار فى معظم المجتمعات العربية فتقتصر برامج هذا النوع من التربية اللاحقة لمحو الأمية على الدراسات التكميلية، ونشاط المدارس الليلية فى التعليم العام ونشاط الدراسات الإضافية فى بعض المدارس والجامعات والجامعات المفتوحة، وأنظمة التعليم عن بعد. وهناك أنشطة متعددة فى معظم الدول العربية فى صورة تأهيل مهنى، كمؤسسات تعليم الكتابة على الآلة الكاتبة والاختزال وأعمال السكرتارية، ومعاهد تعليم اللغات، وبعض ألوان الدراسات التى تتم عن طريق الممارسة لبعض المهارات كالمحاسبة مثلاً، وعادة ما تأخذ هذه الأنشطة شكل النشاط الخاص يمارسه الأفراد دون إشراف تعليمى فعال من جانب الجهات الرسمية، وتؤدى هذه الأنشطة أدواراً تربوية فعالة فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية.

ولما كانت سمة الحياة من التغير المستمر وما يفرزه التغير من تغيير، وما يحدثه هذا التغيير من مستجدات تربوية تضيف كل يوم جديداً تفرضه على كل فرد فى أى مجال يعمل فيه، أصبحت التربية اللاحقة لمحو الأمية هى الأداة التى يتوسل بها أولئك الذين محيت اميتهم لتملك المعارف الجديدة. ولكى تحقق تلك التربية هذا الهدف، تحتاج إلى تخطيط فى إطار التربية المستديمة. وينبغى أن تكون هذه الجهود التربوية جزءاً متكاملاً ومرتبطاً مع خطط التنمية المتضمنة لاكتساب منجزات العلم والتكنولوجيا، والتىتؤدى إلى إيجاد المجتمع المتعلم.

كما أن حاجات المتعلم وأولوياته ينبغى أن توضع فى الاعتبار فى مرحلة ما بعد محو الأمية فى إطار التربية المستديمة وذلك لكى نضمن دافعية مناسبة لدى المتعلم لمواصلة التعلم.

فالتربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية هامة من حيث أنها تمنع المتحرر حديثاً من الأمية من الإرتداد اليها، وتتيح له الاحتفاظ بالمهارات المكتسبة، أو تتيح له الفرص للاستمرار فى التدريب بما فى ذلك التدريب على مهارات العمل حتى يصل إلى مستوى التعليم الأساسى ويتمكن من تطبيق ما تعلمه فى تنمية نفسه ومجتمعه فى وقت واحد.

ومن ثم فهناك حاجة ماسة إلى أخذ زمام المبادرة والتوصية بوضع نظام جديد لبرامج التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية. وهذا النظام ينبغى أن يبين ويوضح الجهود المبذولة لمحو الأمية وما بعد محو الأمية كضرورة حتمية للتنمية فى المجتمعات العربية.

ونستخلص مما سبق أن تعريفات التعلم الذاتى فى مرحلة ما بعد محو الأمية وفى برامج التعليم المستمر للمتعلمين الجدد (الذين محيت أميتهم) غير واضحة المعالم فى المجتمعات العربية. ولم يتضح فى معظم الأقطار العربية مدى تاثيرات التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو أمية الأفراد على شئون حياتهم اليومية مثل الصحة والغذاء وحماية البيئة والموضوعات الثقافية. وهذه موضوعات بحثية يجب الإهتمام بها.

كما أن كافة الجهات المعنية فى المجتمعات العربية مطالبة بالمشاركة فى برامج التربية اللاحقة لمحو الأمية، والتركيز على التعلم الذاتى لأولئك الأفراد الذين محيت أميتهم بغرض إكسابهم المعارف والمهارات. فتستطيع كافة الجهات المجتمعية المساهمة فى وسائل التعلم الذاتى لأولئك الأفراد بجانب مساهمتها فى الدورات الدراسية المنتظمة والحرة. فالتربية اللاحقة لمحو الأمية اتسع مفهومها لتشمل كل تعليم أو تدريب أو تثقيف أو تعلم ذاتى يناله الفرد خارج النظام المدرسى.

 مؤسسات التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية:

فى إطار المفهوم الحالى لمحو الأمية فى المجتمعات العربية تسعى التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية إلى تحقيق مبدأ استمرارية التعليم لدى الفرد.

وتتطلب التربية المستديمة توافر عدة برامج تعليمية تعلمية تعمل على توفير الفرص التربوية التى تساير التعليم المدرسى أو توازيه أو تستكمله. وتقدم هذه الفرص التربوية لأولئك الأفراد المتحررين حديثاً من الأمية، إلى جانب المتسربين من مدارس التعليم الأساسى. وقد تحدد هدف هذه الفرص التربوية فى الوصول بالفرد إلى المستوى الوظيفى أى توظيف ما تعلمه الدارس فى مواصلة التعليم والتعبير عن أنفسهم والانتفاع بما تعلموه فى حياتهم العملية.

ومن أهم مؤسسات التربية فى المرحلة اللاحقة لمحو الأمية فى المجتمعات العربية المدارس ومدارس الفصل الواحد، ومراكز التدريب على المهن، وبرامج التثقيف العام، وخدمات الهيئات العامة للاستعلامات، إلى جانب الثقافة الجماهيرية ووسائلها المختلفة. ويمكن أن تقدم هذه المؤسسات عدة برامج للدارسين الكبار مثل برامج فى التدريب المهنى، وبرامج فى التعليم الوظيفى، وبرامج فى الثقافة العمالية، وبرامج فى التثقيف الصحى، وبرامج فى الثقافة العامة، وبرامج فى التربية الدينية، وبرامج فى تثقيف المرأة الريفية.

 - المدارس ومدارس الفصل الواحد:

علاجاً لمشكلة الإرتداد إلى الأمية فقد اتجه التفكير إلى البحث عن أسلوب متمايز للتعليم يكون قادراً على تلبية الاحتياجات التعليمية الملحة دون أن تشكل عبئاً مالياً ضخماً، ويكون متوافقاً ومتلائماً مع الظروف السكانية والاجتماعية والاقتصادية والتى أدت إلى هذه المشكلات فى المجتمعات العربية. ومدرسة الفصل الواحد أو الفصلين، بالإضافة إلى الاستفادة من المدارس القريبة من الفئات الاجتماعية التى حرمت من مواصلة التعليم أصبحت نمطاً من أنماط التعليم الموازى خارج المدرسة والذى يساعد على إتاحة الفرصة التعليمية لفئات الأفراد المستهدفة، ويتخطى العقبات التى تؤدى إلى إخفاق الأفراد وعدم انتظامهم فى الدراسة.

Partager cet article
Repost0

commentaires



baretoil

Image du Blog bullies.centerblog.net

baretoil

http://www.alphamaroc.com/dlca/templates/dlca1/images/header.jpg

baretoil

منبر التواصل

baretoil